montazar.net
montazar.net
montazar.net
montazar.net
montazar.net

الهداية الأمرية ودور الإمام فيها
إن الإمامة تعني الهداية الأمرية ولا تعني القيام بالدور الرسالي، فقد لا يتمكّن الإمام من أيّ دور رسالي، مثلاً الإمام الكاظم عليه السلام سُجن سنين عديدة، ولم يكن متمكّناً من القيام بدور رسالي؛ لأنه سجين، فهل هذا يعني أن إمامته ارتفعت بمجرد أن دخل السجن؟ أو أن الإمام علياً عليه السلام جلس خمساً وعشرين سنة في داره يعلّم بعض العارفين وبعض الظامئين للعلم والمعرفة ولم يكن له دور رسالي واضح، فهل معنى ذلك أنه ارتفعت إمامته لأنه ليس له دور رسالي بارز؟
لا، الإمامة لا تساوق القيام بالدور الاجتماعي؛ لأنه مرهون بظروفه، فقد يتمكّن الإمام وقد لا يتمكّن، كما ورد عن الإمام علي عليه السلام: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهراً مشهوراً، أو خائفاً مغموراً، لئلاّ تبطل حجج الله وبيناته) ، فهو حجّة، وإنْ كان خائفاً مغموراً، فالإمامة لا تعني القيام بالدور الاجتماعي، وإنما تعني الهداية.
إن دور الإمام وهو غائب هو بثّ نور الهداية في النفس المصطفاة المجتباة، فمتى ما رأى نفساً مُعَدّة وكفوءة أفاض عليها عليه السلام الهداية الأمرية.
نعم لقد استفدنا من الروايات أن من مميّزات الإمام الإطلاع على عالم الملكوت، ومن مميّزاته أيضاً الهداية الأمرية، ولكن البحث في أنه هل استفدنا ذلك من القرآن الكريم من قوله تعالى: (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) ، أم أنه مستفاد من النصوص الأخرى؟ وهنا موضع المناقشة مع كلام السيد قدس سره.فقد يقال في مقابل هذا الرأي المطروح: أن لا علاقة لهذه الآية بمسألة الهداية الأمرية، لماذا؟ لأن كلمة الأمر في القرآن كما ذكرنا قد استُعمِلت بمعاني متعددة، ومن جملة معاني الأمر: الدين. فإن الدين السماوي عبّر عنه بالأمر، ومن قراءة بعض الآيات يتّضح من خلالها أنّ القرآن يعبّر بكلمة الأمر ويريد به الدين والرسالة، كقوله تعالى: (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى‏ مُوسَى الْأَمْرَ) ، وما الأمر الذي قضي إلى موسى عليه السلام؟ هل هو الهداية الأمرية؟ لا، إنما قُضي لموسى الدين، أي أنزل عليه الدين السماوي ابتداءً من ذلك اليوم، فالأمر هو عبارة عن الدين السماوي، كقوله تعالى يتحدّث عن بني إسرائيل: (وَلَقَدْ آتَيْنا بَني‏ إِسْرائيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) ، ثمّ يقول: (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) ، وما معنى بيّنات من الأمر؟ معناه من الدين، فكما أرسلنا لهم كتاباً يتحدّث عن الدين، وكما بعثنا أنبياءً وملوكاً وحكّاماً، فقد آتيناهم بيّنات، أي آيات ومعاجز وحججاً واضحة على أحقّية الدين وأهميته، (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضي‏ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فيما كانُوا فيهِ يَخْتَلِفُونَ) ، ثمّ يخاطب النبي محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم: (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى‏ شَريعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذينَ لا يَعْلَمُونَ) ، ما الشريعة من الأمر؟ يعني الشريعة من الدين، فالدين كما له جنبة فكرية فله جنبة تشريعية، وهي الأعمال والعبادات، والشريعة هي الأعمال التطبيقية والوظائف التي يمارسها المتدينون.
إذن، إذا كان الأمر في القرآن الكريم يُطلق على الدين السماوي وعلى الرسالة السماوية، فحينئذٍ يُمكن أن تكون هذه الآية ناظرة للرسالة، (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) ، يعني يهدون بواسطة ديننا ورسالتنا، لا أن المراد بالأمر في هذه الآية الهداية الأمرية، كما استفدناها من الروايات الشريفة. إذن، بناءً على ذلك ننطلق إلى النظرية الثانية القائلة بأن الدور الذي يقوم به الإمام المهدي عليه السلام وهو غائب هو حفظ الدين عن التحريف والتزوير{1}.

{1}آفاق مهدوية، منير الخباز،ص98
الهداية الأمرية ودور الإمام فيها


العضوية للحصول علی البرید الالکتروني
الاسم:
البرید الالکتروني:
montazar.net

التصویت
ما ترید أن یتم البحث عنه أکثر فی الموقع؟
معارف المهدويةالغرب و المهدوية
وظیفتنا فی عصر الغیبۀالفن و الثقافۀ المهدوية
montazar.net

المواقع التابعة