الجواب: الإمامية يذهبون إلى وجوده والدليل هو.
أولاً: قول النبي صلى الله عليه وآله: (إنّ الله لا يخلي الأرض من حجّة).
أي لابدّ من وجود قائم بالأمر يمثّل النبي صلى الله عليه وآله وامتداده, لأنّه إذا خلا خلت الأرض من الحجّة, إذ ليس من المفروض أنّ يكون الحجّة غير الإمام, فإذا افترضناه غير الإمام المعصوم فإننا لا نستطيع أن نجعله حجّة بيننا وبين الله إذ يحتمل منه المعصية, وفي حال صدور المعصية منه لا نستطيع أن نعتبره حجّة, ولذلك لا نعتبر قول الفقيه في ذاته حجّة بل لأنه ينقل لنا النص الشرعي ورأي النبي أو الإمام, إنه قناة لنقل الحكم لنا. إذن الحجّة إنّما تتم بوجود المعصوم, ولا يوجد إنسان يدّعى له العصمة إلاّ الإمام، إذن لا يخلي الله عز وجل الأرض من حجّة, وعليه يجب أن يكون الحجّة موجوداً , وإلاّ ما معنى أنّه لا يخلو الأرض منه مع أنّه غير موجود؟
ثانياًَ : قول النبي صلى الله عليه وآله:(من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة). هذا الحديث يرويه جمهور المسلمين، فإذا لم يكن إمام زماني موجوداً فكيف أعرفه, المفروض أنّي التقي به, ويكون حجّة عليّ حتّى أعرفه ولا أموت ميتة جاهليّة، إذن لابد أن يكون موجوداً بالفعل، لكن يأتي إشكال: إذا كان موجوداً فلماذا لا يُرى وما الفائدة منه إذا كان موجوداً ولا نراه؟ وكيف نصل إليه؟
هنا نقول: إن هذه المسألة في الواقع لها نظائر, يقول العلماء إنّ وجود الإمام لطف للمكلّفين، وكيف يكون لطفا؟
أضرب لك مثالاً: كل المسلمين يعتقدون بوجود الجنّة والنار فعلاً, أليس القرآن الكريم يقول )تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا( وهكذا النار, ولا يوجد في المسلمين من يقدر أن يصل إلى النار أو الجنّة، فهل معنى هذا أنّ وجودهما عبث؟ لماذا الله خلقهما إذن؟ الجواب: إن الدار حاليّاً دار تكليف وليست دار عقاب أو ثواب وجزاء, فإذا أراد الله أن يحشر الخلق بعد ذلك فإمّا إلى جنّة وإمّا إلى نار, وفعلاً لا أحد يدخل إلى الجنّة وإلى النار، فما الفائدة من وجودهما مع إن جمهور المسلمين يقولون إنّ النار موجودة بالفعل وهكذا الجنّة ونحن لا نستطيع أن نصل إليهما, أليس وجودهما عبثاً؟ يجيبون بأنّ في وجود الجنّة والنار لطفاً للمكلّف, فالفرد المكلف المسلم إذا علم بوجود جنّة ونار فبطبيعة الحال يكون لذلك تأثير على سلوكه, فانه يخشى من هذه, ويرجو هذه ويأمل الوصول إليها مباشرة بعد الموت. اللّطف يعني التقريب للهداية إذن يوجد فيهما لطف للمكلفين، والجواب ذاته يكون بالنسبة لوجود الإمام ففيه لطف للمكلف وإن لم يره. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية من قال نحن لا نراه؟ إنه يُرى لكن لا نعرفه. أليس المسلمون بأجمعهم يرون أنّ عيسى عليه السلام رُفع إلى السماء ولم يمت, ويذهبون إلى أنّ الخضر حي بإجماع المسلمين ويرى من قبل فئة خاصّة، إذن من يقول انه غير موجود أو لا نراه؟ نراه ولكن لا يعرف, طرحه الله عز وجل بين عباده, ويمكن أن يلقي رأيه مع آرائهم أو مع آراء العلماء من دون أن يُعرف، لذلك يذهب جمهور المسلمين تقريباً إلى هذا الرأي وهو أنّه موجود لكن نحن لا نعرفه.{1}
{1} محاضرات حول الإمام المهدي عليه السلام، الشيخ أحمد الوائلي،الجزء الخامس453
كيف يصح أن يحتج الله عز وجل على العباد بإمام لا يُرى؟