المخلص فی الزرادشـتـیة:
لقد ذكرت أفكار كثیرة حول آخر الزمان، وظهور الموعود فی كتب وآثار زرادشت والزرادشتیة، ومن جملة هذه الآثار (كتاب اوستا، وكتاب زند، وكتاب رسالة جاماسب، وكتاب قصة دینیك، وكتاب رسالة زرادشت وقد طرحت الدیانة الزرادشتیة عدداً من الموعودین یطلق على كل منهم اسم (سوشیانت)، وكان هؤلاء الموعودون ثلاثة، أكثرهم أهمیة الموعود الثالث، إذ قالوا: ان سوشیانت المزدیة بمثابة كریشنای البراهمة، وبوذا الخامس لدى البوذیة، والمسیح لدى الیهودیة، وفارقلیط عند العیسویة، وبمنزلة المهدی لدى المسلمین {1}، ویؤمن الزرادشتیون: بان العالم سیستمر12 الف سنة، تقسم الى اربع حقب متمایزة عن بعضها، وان الحقبة الاخیرة قد بدأت بولادة (زرادشت)، وما تزال مستمرة، وفی هذه الحقبة یتوقعون ظهور ثلاثة مخلصین یطلق على كل منهم إسم (سوشیانت)، وبین المخلص والمخلص الف سنة، وان اكثرهم أهمیة هو المخلص الثالث الذی یلقبونه (سوشیانت المنتصر)، والذی ینحدر من زرادشت بطریق التناسل الروحی ، فبعد ثلاثة آلاف سنة من وفاة (زرادشت) سیظهر فی هذه الدنیا أحد ابناء زرادشت، وسیكون هذا الابن هو المخلص الذی یخلص البشریة فی اخر الدنیا . ان الصراع بین قوى الخیر وقوى الشر{2} سیستمر فی الحقبة الرابعة، وحینها سینتصر (أهورا مزدا)، وسیهلك (آهرمان)، وكل قوى الشر ، وإن بشائر النصر باتت قریبة، وقد لاحت فی الآفق علامات التمهید لظهور (سوشیانت) المبارك الطلعة الذی یتم فی عهده انتصار الخیر على الشر فی الارض وان من العلامات على مجیء المخلص المنتظر هو: ان تأتی موجه من معدن منصهر، فتغطی الأرض وتطهرها، وعندئذ تقع المعركة الأخیرة بین (اهورا مزدا) و(اهریمان)، ففی البدایة وحسب الروایات الزرادشتیة یكون الانتصار لإله الشر لكن هذا الانتصار لن یدوم طویلا، إذ یظهر (سوشیانت) ابن زرادشت المنتظر الذی لم یولد بعد، والذی سیظهرفی آخر الدنیا لینقذ العالم من الظلال، حیث جاء فی كتاب (شابوهرجان)، وهو من الكتب المقدسة (خرد شهرا یزد (بطل مدینة یزد)، لابد ان یظهر فی آخر الزمان، وینشر العدل فی العالم){3}، وفی كتاب سوشیانت المقدس (سوشیانت المنقذ العظیم – موعود آخر الزمان، وسیلةعلاج جمیع الآلام به، یقتلع جذور الالم والمرض والعجز والظلم والكفر، یهلك ویسقط الرجال الانجاس)، وفی رسالة جاماسب، (سینشر سوشیانت المنقذ الدین فی العالم فكرا وقولا وسلوكا) {4}، يقول الشهرستانى: ومما اخبر به زرادشت فی كتابه (زندا وستا) انه قال: سیظهر فی آخر الزمان رجل إسمه (اشیزریكا)، وملكه عشرین سنة، یظهر على اهل العالم، ویحیی العدل، ویمیت الجور، ویرد السنن المغیرة الى اوضاعها الأول، وتنقاد له الملوك، وتتیسر له الامور، وینصر الدین الحق، ویحصل فی زمانه: (الامن والدعة وسكون الفتن وزوال المحن) {5}. وهكذا فإنّ (سوشیانت) هو المنقذ المنتظر عند الزرادشتیین، والذی ینتظرون ظهوره لتبدأ معه الدورة الرابعة والأخیرة من دورات الحیاة الزرادشتیة، حیث ینتصر الخیر على الشر فی الأرض.