مراتب الإمامة
الأولى: الرئاسة العامة:
فكما أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هو القائد والحاكم في المجتمع الإسلامي، كذلك تنتقل القيادة إلى من يأتي بعده صلى الله عليه وآله وسلم. وهذه المسألة محلّ اتفاق بين الفريقين (مدرسة أهل البيت عليهم السلام ومدرسة الخلفاء، فالفريقان يتفقان على أصل الإمامة بهذه المرتبة، ولكن الإختلاف في شكل هذه المرتبة، وأنها بالتعيين والنص أو لا.
لو كان يقتصر مفهوم الإمامة عند مدرسة أهل البيت عليهم السلام على هذه المرتبة، ولم يكن لديهم إيمان بالمراتب الأخرى للإمامة، لكانت الإمامة عندهم من فروع الدين لا من أصوله، إلا أنّ مدرسة أهل البيت عليهم السلام تعتقد بأن للإمام مرتبتين أخريين، لذلك لا ترى هذه المدرسة أنّ علياً هو المتقدم أو الأفضل من بين أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقط، بل ترى له مرتبتين لا يشاركه فيهما أحدٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
الثانية: المرجعيّة الدينيّة:
إنّ من وظائف النبيّ التي تقدّم ذكرها وظيفة بيان الأحكام الإلهية النبوّة). ولكنّ حياة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم المحدودة بزمن معيّن، والظروف المحيطة به، قد منعت من أن يكون ما بلّغه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لعامة المسلمين شاملاً لجميع أحكام الإسلام، ولذا كان الأسلوب الأمثل هو قيام النبيّ بتعليم شخصٍ وتلقينه هذه الأحكام، ليقوم بعد وفاته بإكمال وظيفة تبليغ الأحكام الإلهية. وتعتقد مدرسة أهل البيت عليهم السلام أنّ عليّاً عليه السلام كان هو ذلك الشخص الذي قام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بتعليمه أحكام الإسلام، وأصبح هو العالِم الإستثنائي المتقدِّم على أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وكان علمه هو العلم المعصوم، أي أنه لا يشتبه في قولٍ ولا حكم. وهذا التعليم لم يكن بالطريقة المتعارفة، بل لذلك طريق غيبي إلهي. وهذه المعرفة انتقلت من الإمام عليه السلام إلى الأئمة من بعده.
الثالثة: الإمامة بمعنى الولاية:
تشكّل هذه المرتبة الذروة في مفهوم الإمامة، وتشمل كل ما قبلها من مراتب وتزيد عليه، أي إنّ الاعتقاد بأنّ الإمام عليه السلام هو الإنسان الكامل وهو حجة العصر، هذا الإنسان لا بدّ من وجوده في كلّ عصر، ولولاه لساخت الأرض بأهله، ولهذا الإنسان مقاماتٌ ودرجاتٌ عالية. وقد اعتبرت مدرسة أهل البيت عليهم السلام أنّ هذه المرتبة ثابتة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وللأئمة عليهم السلام من بعده، وأنه لا بد في كلّ عصر من وليٍّ كاملٍ وله مقاماتٌ بعيدةٌ عن تصوّرنا. وأما سائر المسلمين- عدا الوهابية- فلا يعتقدون بثبوت هذه المرتبة سوى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم {1}.