شباهته بعيسى (عليهما السلام)
عيسى (عليه السلام): ابن سيدة النساء في زمانها. القائم (عليه السلام) ابن سيدة النساء في زمانها. عيسى (عليه السلام) تكلم في بطن أمه، وكان يسبح. رواه الفاضل المجلسي (ره) في حاشية خامس البحار عن الثعلبي من طريق العامة. القائم (عليه السلام) تكلم في بطن أمه كما مر آنفا. عيسى (عليه السلام) تكلم في المهد صبيا. القائم (عليه السلام) تكلم في المهد صبيا ويدل على ذلك عدة روايات:
- منها ما في كمال الدين(1) عن حكيمة بنت محمد بن علي الجواد (عليه السلام): إن الحجة (عليه السلام) تكلم بعد ولادته، فقال: أشهد أن لا إله الله وحده لاشريك له وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم صلى على أمير المؤمنين وعلى الأئمة (عليهم السلام) إلى أن وقف على أبيه، ثم أحجم وتكلم في اليوم السابع بالتوحيد، والصلاة على محمد والأئمة (عليهم السلام) ثم تلا هذه الآية: *(بسم الله الرحمن الرحيم ونريد أن نمن على الذين استضعفوا...)*(2) الخ.
- ومنها في رواية أخرى فيه(3) أنه حين تولده خر ساجدا لوجهه، جاثيا على ركبتيه، رافعا سبابتيه، وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدي محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن أبي أمير المؤمنين، ثم عد إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه، ثم قال (عليه السلام): اللهم أنجز لي ما وعدتني، وأتمم لي أمري وثبت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلا وقسطا.
- ومنها ما فيه أيضا (4) عن نسيم ومارية الجاريتين أنه سقط صاحب الزمان (عليه السلام) من بطن أمه جاثيا على ركبتيه، رافعا سبابتيه إلى السماء، ثم عطس فقال: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله، زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة، لو أذن لنا في الكلام لزال الشك.
- وفيه(5) عن نسيم الخادم قالت قال صاحب الزمان (عليه السلام) وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة، فعطست عنده، فقال (عليه السلام) لي: رحمك الله، قالت نسيم ففرحت بذلك، فقال (عليه السلام) لي: ألا أبشرك في العطاس قلت بلى يا مولاي قال (عليه السلام) هو أمان من الموت ثلاثة أيام. عيسى (عليه السلام) آتاه الله الحكم صبيا. القائم (عليه السلام) آتاه الله الحكم صبيا كما مر. عيسى (عليه السلام) رفعه الله إليه. القائم (عليه السلام) رفعه الله إليه كما تقدم. عيسى (عليه السلام) اختلف الناس فيه. القائم (عليه السلام) اختلف الناس فيه.
ويأتي إن شاء الله في الباب الثامن إن الصادق (عليه السلام) قال في بيان شباهة الحجة (عليه السلام) بعيسى: إن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل، فكذبهم الله جل ذكره بقوله عز وجل: *(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)*(6) كذلك غيبة القائم، فإن الأمة ستنكرها لطولها، فمن قائل بغير هدى بأنه لم يولد، وقائل يقول: إنه ولد ومات، وقائل يكفر بقوله: إن حادي عشرنا كان عقيما وقائل يمرق بقوله: إنه يتعدى إلى ثالث عشر فصاعدا، وقائل يعصي الله عز وجل بقوله: إن روح القائم ينطق في هيكل غيره، الخبر. عيسى (عليه السلام) كان يحيي الموتى بإذن الله تعالى، قال الله عز وجل نقلا عنه (عليه السلام)*(وأحيي الموتى بإذن الله)*(7) وقال تعالى مخاطبا له: *(وإذ تخرج الموتى بإذني)* الآية. - ويعجبني هنا نقل رواية لطيفة مشتملة على مواعظ شريفة، رواها جمع من سلفنا الصالحين (ره) في كتبهم منهم الشيخ البهائي (ره) في كتاب شرح الاربعين عن الصادق (عليه السلام). قال: مر عيسى ابن مريم (عليه السلام) على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها، فقال (عليه السلام): أما إنهم لم يموتوا إلا بسخطة، ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون يا روح الله وكلمته، ادع الله أن يحييهم لنا، فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها فدعى عيسى (عليه السلام) ربه، فنودي من الجو: أن نادهم. فقام عيسى بالليل على شرف من الأرض فقال: يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب لبيك ياروح الله وكلمته فقال: ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت، وحب الدنيا مع خوف قليل، وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب، فقال: كيف كان حبكم للدنيا؟ قال: كحب الصبي لأمه إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا، وإذا أدبرت عنا بكينا وحزنا، قال (عليه السلام): كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي، قال (عليه السلام): كيف كانت عاقبة أمركم؟ فقال: بتنا في ليلة في عافية، وأصبحنا في الهاوية، فقال: وما الهاوية؟ قال سجين قال (عليه السلام) وما السجين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة. قال (عليه السلام) فما قلتم؟ وما قيل لكم؟ قال: قلنا ردنا إلى الدنيا فنزهد فيها، قيل لنا: كذبتم قال: ويحك، كيف لم يكلمني غيرك من بينهم؟ قال: ياروح الله، إنهم ملجمون بلجم من نار، بأيدي ملائكة غلاظ شداد، وأنا كنت فيهم ولم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمني معهم: فأنا معلق بشعرة على شفير جهنم، لا أدري أكبكب فيها أم أنجو منها فالتفت عيسى (عليه السلام) إلى الحواريين، وقال: يا أولياء الله، أكل الخبز اليابس بالملح الجريش، والنوم على المزابل، خير كثير مع عافية الدنيا والآخرة. القائم (عليه السلام) يحيي الموتى بإذن الله تعالى، ويدل على ذلك روايات مستفيضة، مر بعضها في شباهته بحزقيل وغيره. - وفي بعض الكتب عن الصادق (عليه السلام) أنه إذا ظهر القائم (عليه السلام) أتاه رجل من آذربيجان وفي يده عظم من العظام النخرة، فيقول: إن كنت حجة الله، فأمر هذا العظم بأن ينطق، فينطق العظم بأمره (عليه السلام)، يقول: إني معذب منذ ألف عام، وأرجو من دعائك أن يخلصني الله تعالى من العذاب، فيقول الرجل: هذا سحر، فيصلب بأمره (عليه السلام) ويصبح مصلوبا سبعة أيام وينادي: هذا جزاء من نسب معجزة الإمام إلى السحر ثم يموت. عيسى (عليه السلام) قال: *(أنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم)* القائم (عليه السلام) يطلع على جميع أحوالنا وأفعالنا والدليل على ذلك جميع الأخبار الكثيرة الواردة في باب علم الأئمة (عليهم السلام) ولكني أتبرك في هذا المقام بذكر عدة روايات:
- فمنها ما في الخرائج عن أبي بصير قال دخلت المسجد مع أبي جعفر (عليه السلام) والناس يدخلون ويخرجون، فقال (عليه السلام) لي: سل الناس: هل يرونني، وكل من لقيته سألته عنه، هل رأيت أبا جعفر (عليه السلام) فيقول: لا، وهو واقف. حتى دخل أبو هارون المكفوف فقال: سل هذا فقلت، هل رأيت أبا جعفر (عليه السلام)؟ فقال أليس هو قائما؟ قلت وما علمك؟ قال: وكيف لا اعلم، وهو نور ساطع. قال: وسمعته يقول لرجل من أهل الافريقية: ما حال راشد؟ قال: خلفته حيا صالحا يقرئك السلام. قال (عليه السلام): رحمه الله. قال مات؟ قال نعم قال: متى؟ قال (عليه السلام) بعد خروجك بيومين. قال والله مامرض ولا كانت به علة، وإنما يموت من مرض وعلة قلت: من الرجل؟ قال (عليه السلام): رجل كان لنا مواليا وكان لنا محبا، ثم قال: لئن تروا أنه ليس لنا معكم أعين ناظرة، أو أسماع سامعة، لبئس ما رأيتم والله ما يخفى علينا شئ من أعمالكم فاحضرونا جميعا، وعودوا أنفسكم الخير، وكونوا من أهله، تعرفوا به، فإني بهذا آمر ولدي وشيعتي.
- ومنها: ما في الخرائج أيضا عن الصادق (عليه السلام)، أنه دخل ناس عليه فقالوا ماحد الإمام؟ قال (عليه السلام): حده عظيم، إذا دخلتم عليه فوقروه، وعظموه، وآمنوا بما جاء به من شئ، وعليه أن يهديكم، وفيه خصلة إذا دخلتم عليه لم يقدر أحد أن يملأ عينه منه إجلالا له وهيبة، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان كذلك، وكذلك يكون الإمام قالوا: فيعرف شيعته؟ قال (عليه السلام) نعم، يراهم كلهم، قالوا فنحن لك شيعة؟ قال (عليه السلام) نعم، كلكم قالوا: أخبرنا بعلامة ذلك. قال: أخبركم بأسمائكم وأسماء قبائلكم؟ قالوا: أخبرنا، فأخبرهم قالوا: صدقت قال (عليه السلام) وأخبركم عما أردتم أن تسألوا عنه في قوله تعالى: *(شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء)*(8) قالوا: صدقت قال: نحن نعطي شيعتنا ما نشاء من العلم، ثم قال (عليه السلام): يقنعكم؟ قالوا: بدون هذا نقنع. - ومنها ما في كمال الدين،(9) عن حسن بن وجناء النصيبي، قال كنت ساجدا تحت الميزاب في رابع اربع وخمسين حجة بعد العتمة، وأنا أتضرع في الدعاء، إذ حركني محرك، فقال: قم يا حسن بن وجناء النصيبي. قال: فقمت فإذا جارية صفراء، نحيفة البدن، أقول: إنها من أبناء أربعين فما فوقها، فمشت بين يدي، وأنا لا أسألها عن شئ، حتى أتت بي إلى دار خديجة صلوات الله عليها وفيها بيت، بابه في وسط الحائط، وله درجة ساج يرتقى إليه، فصعدت الجارية، وجاءني النداء: اصعد يا حسن فصعدت، فوقفت بالباب، فقال لي صاحب الزمان (عليه السلام): يا حسن أتراك خفيت علي؟ والله مامن وقت في حجك إلا وأنا معك فيه. ثم جعل يعد علي اوقاتي فوقعت مغشيا على وجهي، فحسست بيده قد وقعت علي، فقمت، فقال لي: يا حسن الزم بالمدينة دار جعفر بن محمد (عليه السلام) ولا يهمنك طعامك ولا شرابك، ولا ما يستر عورتك، ثم دفع إلي دفترا فيه دعاء الفرج وصلاة عليه. فقال: بهذا فادع، وهكذا صل علي، ولاتعطه إلا محقي أوليائي، وإن الله جل جلاله موفقك، فقلت مولاي لا أراك بعدها؟ فقال (عليه السلام) يا حسن إذا شاء الله قال فانصرفت من حجتي، ولزمت دار جعفر بن محمد (عليه السلام) فأنا أخرج منها فلا أعود إليها إلا لثلاث خصال لتجديد وضوء، أو لنوم، أو لوقت الإفطار فأدخل بيتي وقت الافطار فأصيب رباعيا مملوء ماء ورغيفا على رأسه عليه ما تشتهي نفسي بالنهار فآكل ذلك فهو كفاية لي، وكسوة الشتاء في وقت الشتاء وكسوة الصيف في وقت الصيف وإني لأدخل الماء بالنهار، وأرش البيت، وأدع الكوز فارغا، وأوتى بالطعام، فاصدق به ليلا لئلا يعلم بي من معي(10).
(1) إكمال الدين: 2 / 425 باب 42 ح 1.
(2) سورة القصص: 5.
(3) إكمال الدين: 2 / 428.
(4) إكمال الدين: 2 / 430 / ح 5.
(5) إكمال الدين: 2 / 430 / ح 5.
(6) سورة النساء: 157.
(7) سورة آل عمران: 49.
(8) سورة إبراهيم: 24.
(9) إكمال الدين: 2 / 443 باب 43 ح 17.
(10) مکیال المکارم:217