montazar.net
montazar.net
montazar.net
montazar.net
montazar.net

استتار الولادة

إنّ استتار ولادة المهدي بن الحسن بن عليّ عليهم السلام عن جمهور أهله وغيرهم، وخفاء ذلك عليهم، واستمرار استتاره عنهم ليس بخارج عن العرف، ولا مخالفاً لحكم العادات، بل العلم محيطٌ بتمام مثله في أولاد الملوك والسّوقة ، لأسباب تقتضيه لا شبهة فيها على العقلاء. أن يكون للإنسان ولد من جارية قد أستر تملّكها من زوجته وأهله، فتحمل منه فيخفي ذلك عن كلّ من يُشفق منه أن يذكره ويستره عمّن لا يأمن إذاعة الخبر به، لئلاّ يفسد الأمر عليه مع زوجته بأهلها وأنصارها، ويتمّ الفساد به ضررعليه يضعف عن دفاعه عنه، وينشأ الولد وليس أحدٌ من أهل الرجل وبني عمّه وإخوانه وأصدقائه يعرفه، ويمرّ على ذلك إلى أن يزول خوفه من الإخبار عنه، فيعرّف به إذ ذاك، وربّما تمّ ذلك إلى أن تحضره وفاته، فيعرّف به عند حضورها، تحرّجاً من تضييع نسبه، وإيثاراً لوصوله إلى مستحقّه من ميراثه.
وقد يولد للملك ولدٌ (فلا) يؤذن به حتّى ينشأ ويترعرع، فإن رآه على الصورة التي تعجبه... وقد ذكر الناس ذلك عن جماعة من ملوك الفرس والروم والهند في الدولتين معاً، فسطروا أخبارهم في ذلك، وأثبتوا قصّة كيخسرو بن سياوخش بن كيقاوس ملك الفرس، الّذي جمع ملك بابل والمشرق، وما كان من ستر أمّه حملها وإخفاء ولادتها لكيخسرو، وأمّه هذه المسمّاة بوسفا فريد بنت فراسياب ملك الترك، فخفي أمره مع الجِدّ كان من كيقاوس _ جدّه الملك الأعظم_ في البحث عن أمره والطلب له، فلم يظفر بذلك حيناً طويلاً.
والخبر بأمره مشهور، وسبب ستره وإخفاء شخصه معروف، قد ذكره علماء الفرس، وأثبته محمّد بن جرير الطبري في كتابه التاريخ. وهو نظير لما أنكره الخصوم في خفاء أمر ولد الحسن بن عليّ عليهما السلام، واستتارشخصه، ووجوده وولادته، بل ذلك أعجب.
ومن الناس من يستر ولده عن أهله مخافة شنعتهم في حقّه، وطمعهم في ميراثه ما لم يكن له ولد، فلا يزال مستوراً حتّى يتمكّن من إظهاره على أمان منه عليه ممّن سمّيناه. ومنهم من يستر ذلك ليرغب في العقد له من لا يؤثر مناكحة صاحب الولد من الناس، فيتمّ له في ستر ولده وإخفاء شخصه وأمره، والتظاهر بأنّه لم يتعرّض بنكاح من قبل ولا له ولدٌ من حرّة ولا أمة، وقد شاهدنا من فعل ذلك، والخبر عن النساء به أظهر منه عن الرجال.
واشتهر من الملوك من ستر ولدٍ وإخفاء شخصه من رعيّته لضربٍ من التدبير، في إقامة خليفة له، وامتحان جنده بذلك في طاعته، إذ كانوا يرون أنّه لا يجوز في التدبير استخلاف من ليس له بنسيب مع وجود ولده، ثم يُظهر بعد ذلك أمر الولد عند التمكّن من إظهاره برضى القوم، وصرف الأمر عن الولد إلى غيره، أو لعزل مستخلفٍ عن المقام، على وجه ينتظم للملك أمور لم يكن يتمكّن من التدبير الّذي كان منه على ما شرحناه.وغير ذلك ممّا يكثر تعداده من أسباب ستر الأولاد وإظهار موتهم، واستتار الملوك أنفسهم، والإرجاف بوفاتهم، وامتحان رعاياهم بذلك، وأغراض له معروفة قد جرت من المسلمين بالعمل عليها العادات. وكم وجدنا من نسيب ثبت بعد موت أبيه بدهرٍ طويل، ولم يكن أحد من الخلق يعرفه بذلك حتّى شهد له بذلك رجلان مسلمان، وذلك لداعٍ دعا الأب إلى ستر ولادته عن كلّ أحد من قريب وبعيد، إلاّ من شهد به من بعد عليه بإقراره به على السترلذلك والوصية بكتمانه، أو بالفراش الموجب لحكم الشريعة إلحاق الولد بوالده{1}.
{1}المسائل العشر في الغيبة، الشيخ المفيد، ص125
استتار الولادة


العضوية للحصول علی البرید الالکتروني
الاسم:
البرید الالکتروني:
montazar.net

التصویت
ما ترید أن یتم البحث عنه أکثر فی الموقع؟
معارف المهدويةالغرب و المهدوية
وظیفتنا فی عصر الغیبۀالفن و الثقافۀ المهدوية
montazar.net

المواقع التابعة