٣ _ بمعنىٰ المنح والإعطاء والاختصاص(٩٢)، كما في قوله تعالىٰ: (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (المؤمنون: ١١)، وقوله تعالىٰ: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) (فاطر: ٣٢)، وقوله تعالىٰ: (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الزخرف: ٧٢).
وأكثر المعاني مناسبةً لموضوع البحث هي أنَّ الوراثة بمعنىٰ الاستخلاف والتمكين معاً، وبالتالي يكون لهم البقاء في الأرض.إلَّا أنَّ الملاحظ في الآيات الكريمة أنَّها جمعت بين الإيراث والأجر، ممَّا يعني أنَّ الوراثة بالمعاني المذكورة لا تتحقَّق من غير تعب في الاكتساب ولا هي خارجة عن اختيار وإرادة الوارث لها، بل هي نتاج سعيه وثمرة كدحه، فالعماد في تحقّق هذه المعاني هو وجود الأهلية والاستعدادات النفسية والإمكانات العملية، فلا وراثة لعلم أو لجنَّة أو لأرض بغير عمل واجتهاد، فحصولها مشروط وقائم علىٰ أساس التقوىٰ العلمية والعملية، ممَّا يعني أنَّ الإيمان لازم من جهة ووجود المؤهِّلات من جهة أُخرىٰ، وعند عدم إحياء هذين الأصلين فلن تتحقَّق تلك الوراثة.
وهذا ما يفرق الوراثة في معناها العقائدي عن المعنىٰ الفقهي لها، والبحث سيعتمد المعنىٰ العقائدي للوراثة فهو ذو صفة (قانونية) ، لأنَّه من التحديد القرآني للمصطلح وهو بالتالي يُمثّل المنظور الإلهي للوراثة{1}.
{1} وراثة الأرض في القرآن الكريم والكتب السماوية،نور مهدی کاظم الساعدی،ص275