الإمامة من مرتكزات الهرم المعرفي في الشريعة:
إنَّ الجانب المعرفي في الشريعة رأس هرمه التوحيد وهو یرتکز علی ركائز متعدّدة، ومن هذه الركائز ما يرجع إلی الإمامة التي لها أهمية کبری في حفظ مسيرة الأُمة عن الانحراف، ومن هنا قامت الضرورة علی وجود الإمام أو الحجّة في كلّ زمان. ومن هنا صار ترك التبليغ بولاية علي عليه السلام _ كما في سورة المائدة _ بمنزلة عدم تبليغ أصل الرسالة. فالدين قد أُكمل بحياة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأَسْلامَ دِيناً) (المائدة: ٣).
لكن بقاءه مرهون بوجود قيّم راعٍ يمنع الناس من سلوك السُبُل المنحرفة عن الصراط المستقيم، ومن خلال تنزيل عدم التبليغ بالولاية منزلة عدم تبليغ كلّ الرسالة بملاحظة أنَّ الشريعة قد بيَّنت ملامحها العامّة، والكثير من معالمها التفصيلية من النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يمكن أن نستدلَّ علی ضرورة وجود الإمام في كلّ زمان فحينها ینظر إلی علي عليه السلام علی أنَّه الحافظ لتلك الشريعة وعدم التبليغ بإمامته يعني إبقاء الشريعة بلا حافظ، وهذا يعني تركها في مهبّ رياح الأهواء يعبث بها جهل تهيّأ للمتَّصف به أنَّه علم فاملاه علی الرسالة وحمله عليها بل حملها عليه، فإذا كان ترك الرسالة بلا حافظ في زمانه عليه السلام بمثابة ترك تبليغ كلّ الرسالة كان تركها في أيّ زمان بلا حافظٍ وراعٍ بمثابة تضييع لها وتركها في مهبّ الريح. وما تقدَّم إن لم يكن دليلاً فهو مؤيّد ومؤشّر بلا شكّ علىٰ ما قلنا، وهذا يشمل مدَّة إمامة الإمام الثاني عشر عليه السلام{1}.