التغريب
وخرج دعاته من تحت العباءه اليهوديه، والتغريب تيار كبير ذو ابعاد سياسيه واجتماعيه وثقافيه وفنيه، ويرمى الى صبغ حياه الامم والمسلمين -بخاصه- بالاسلوب الغربى، وذلك بهدف الغاء شخصيتهم المستقله وخصائصهم المتفرده، وجعلهم اسرى التبعيه الكامله للحضاره الغربيه، ولقد استطاعت حركه التغريب ان تتغلغل الى كل بلاد العالم الاسلامى، والى كل البلاد المشرقيه على امل بسط بصمات الحضاره الغربيه الماديه الحديثه على هذه البلاد، وربطها بالعجله الغربيه، ولم يخل بلد اسلامى او مشرقى من هذا التيار. ويضاف الى هذه التيارات تيار الوجوديه، وهو تيار فلسفى، يكفر اتباعه باللّه ورسله وكتبه وبكل الغيبيات وكل ما جاءت به الاديان، ويعتبرونها عوائق امام الانسان نحو المستقبل، وقد اتخذوا الالحاد مبدا، ووصلوا الى ما يتبع ذلك من نتائج مدمره، ومن اشهر زعماء هذا التيار جان بول سارتر الفرنسى، المولود سنه 1905م، وهو ملحد ويناصر الصهيونيه، وانتشرت افكار هذا التيار بين المراهقين والمراهقات فى فرنسا والمانيا والسويد والنمسا وانجلترا وامريكا وغيرها، حيث ادت الى الفوضى الخلقيه، والاباحيه الجنسيه، واللامبالاه بالاعراف الاجتماعيه والاديان. ويضاف الى ذلك الفرويديه، وهى مدرسه فى التحليل النفسى، اسسها اليهودى سيجموند فرويد، وهى تفسر السلوك الانسانى تفسيرا جنسيا، وتجعل الجنس هو الدافع وراء كل شىء، كما انها تعتبر القيم والعقائد حواجز وعوائق تقف امام الاشباع الجنسى، مما يورث الانسان عقدا وامراضا نفسيه، ولم ترد فى كتب فرويد وتحليلاته ايه دعوى صريحه للانحلال كما يتبادر الى الذهن، وانما كانت هناك ايماءات تحليليه كثيره تتخلل المفاهيم الفرويديه، تدعو الى ذلك، وقد استفاد الاعلام الصهيونى من هذه المفاهيم لتقديمها على نحو يغرى الناس بالتحلل من القيم، وييسر لهم سبله بعيدا عن تعذيب الضمير.
واستغل اليهود المذهب الراسمالى، والراسماليه: نظام اقتصادى ذو فلسفه اجتماعيه وسياسيه، يقوم على اساس تنميه الملكيه الفرديه والمحافظه عليها، متوسعا فى مفهوم الحريه، ولقد ذاق العلم بسببه ويلات كثيره، وما تزال الراسماليه تمارس ضغوطها وتدخلها السياسى والاجتماعى والثقافى، وترمى بثقلها على مختلف شعوب الارض، وتقوم الراسماليه -فى جذورها- على شىء من فلسفه الرومان القديمه، ويظهر ذلك فى رغبتها فى امتلاك القوه، وبسط النفوذ والسيطره، ولقد تطورت متنقله من الاقطاع الى البرجوازيه الى الراسماليه، وخلال ذلك اكتسبت افكارا ومبادى مختلفه، تصب فى تيار التوجه نحو تعزيز الملكيه الفرديه والدعوه الى الحريه، ولا يعنى الراسماليه من القوانين الاخلاقيه الا ما يحقق لها المنفعه، ولا سيما الاقتصاديه منها على وجه الخصوص، وتدعو الراسماليه الى الحريه، وتتبنى الدفاع عنها، لكن الحريه السياسيه تحولت الى حريه اخلاقيه واجتماعيه، ثم تحولت بدورها الى اباحيه، وازدهرت الراسماليه فى انجلترا وفرنسا والمانيا واليابان وامريكا، والى معظم العالم الغربى، وكثير من دول العالم يعيش فى جو من التبعيه لها، ووقف النظام الراسمالى الى جانب اسرائيل دعما وتاييدا بشكل مباشر او غير مباشر.
ووضع اليهود بصماتهم على المذهب الشيوعى، وهو مذهب فكرى يقوم على الالحاد، وان الماده هى اساس كل شىء، ويفسر التاريخ بصراع الطبقات وبالعامل الاقتصادى، وظهر المذهب على يد ماركس اليهودى الالمانى (1818-1883م)، وتجسد فى الثوره البلشفيه التى ظهرت فى روسيا سنه 1917م، بتخطيط من اليهود، وتوسعت الثوره على حساب غيرها بالحديد والنار، وقد تضرر المسلمون منها كثيرا، وافكار هذا المذهب ومعتقداته تقوم على: انكار وجود اللّه وكل الغيبيات، وقالوا بان الماده هى اساس كل شىء، وفسروا تاريخ البشريه بالصراع بين البرجوازيه والبروليتاريا، وقالوا: ان الصراع سينتهى بدكتاتوريه البروليتاريا، وحاربوا الاديان واعتبروها وسيله لتخدير الشعوب، مستثنين من ذلك اليهوديه، لان اليهود شعب مظلوم!! وحاربوا الملكيه الفرديه، وقالوا بشيوعيه الاموال والغاء الوراثه، ولم تستطع الشيوعيه اخفاء تواطئها مع اليهود، وعملها لتحقيق اهدافهم، فقد صدر منذ الاسبوع الاول للثوره قرار ذو شقين بحق اليهود:
ا- يعتبر عداء اليهود عداء للجنس السامى يعاقب عليه القانون.
ب- الاعتراف بحق اليهود فى انشاء وطن قومى فى فلسطين.
وهكذا وضع اليهود المسيره البشريه بين مذهبين اقتصاديين، يعارض كل منهما الاخر، ليشتد الصراع على امتداد المسيره، مع احتفاظ اليهود بثمرات كل مذهب، وثمرات الصراع القائم بينهما{1}.
{1}الطريق الى المهدى المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، سعيد ايوب،ص178