ابن صياد
اعلم أنه قد روي في صحيح مسلم أخبار كثيرة أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شخص يقال له ابن صياد أو ابن صائد واسمه صاف، وكان يقال فيه أنه الدجال، وإن ذلك كان مشهورا عنه بين الناس، وفي جملة من تلك الأخبار إيماء إلى أنه هو الدجال الذي يخرج في آخر الزمان، وفي بعضها دلالة صريحة عليه، وأن جماعة من الصحابة كانوا يعتقدون ذلك ويحلفون عليه ولا يشكون فيه وهم عمر وجابر وابن عمر مثل ما رواه مسلم من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رآه مع الصبيان ففروا وبقي ابن صياد، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تربت يداك أتشهد أني رسول الله؟ فقال: لا، بل تشهد أني رسول الله. وأنه أتاه مرة وقد قارب الحلم فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل ذلك، فقال: أشهد أنك رسول الأميين، ثم قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: آمنت بالله وبرسله، أو آمنت بالله وملائكته وكتبه، وأن عمراً كان يقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كل مرة: دعني أقتله، فيقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن يكن الذي ترى فلن تستطيع قتله، أو إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم انطلق مرة إلى النخل التي هو فيها وجعل يستتر بالجذوع ليسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه، فرأت أمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت له: يا صاف هذا محمّد، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لو تركته بيّن، أي بيّن أمره كما فسره بعضهم، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخطب الناس وأنذرهم الدجال وحذرهم منه. ومثل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: قد خبأت لك خبأ، فقال دخ أو هو الدخ فقال: اخسأ فلن تعدو قدرك. وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم له ما ترى؟ قال: أرى عرشاً عَلَى الماء، فقال صلى الله عليه وآله وسلم ترى عرش إبليس على البحر، وما ترى؟ قال: أرى صادقين وكاذبا، أو كاذبين وصادقا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لبس عليه، دعوه وفي رواية ما ترى؟ قال: يأتيني صادق وكاذب، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: خلط عليك الأمر. وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ما تربة الجنة؟ قال: درمكة بيضاء مسك يا أبا القاسم، قال: صدقت. وفي رواية أنه هو الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن تربة الجنة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: درمكة بيضاء مسك خالص{1}.
{1}البرهان على وجود صاحب الزمان،محسن الأمين الحسيني العاملي،ص132